مجتمع البحث الفلسطيني يفقد اثنين من أهم باحثيه

فقدت الحركة الفكرية والثقافية والبحثية الفلسطينية كلاً من الباحثين المتميزين والمبدعين، واللذان أسهما في إثراء المكتبة الفلسطينية ومراكز الأبحاث بإنتاجهما الفكري، وهما الدكتور حسين أبو النمل والباحث خالد عايد. لقد عمل الإثنان كباحثين رئيسيين في مؤسسة الدراسات الفلسطينية وفي مركز الأبحاث االفلسطيني، وساهما في تقديم أبحاث جادة ومميزة سواء في الاقتصاد أو دراسات الاستيطان أو في السياسة والفكر.

 

لقد كان الزميلان من الباحثين المقاومين الذين لم يؤجروا أقلامهم، أو ينجرفوا في تيار الارتزاق، بل كانت لهما مواقف صلبة ومبدئية ومخلصة للحقائق الموضوعية التي بنوا عليها مواقفهم في الاقتصاد والمجتمع والسياسة، فقد كانوا من دعاة الفكر التقدمي المقاوم، وظلوا ثابتين على مواقفهم رغم ما لاقوه من شظف العيش.

 

ولد حسين أبو النمل  في شمال فلسطين (عرب الهيب) عام 1943، ولجأت عائلته عام 1948 إلى جنوب لبنان، حيث تلقى تعليمه هناك، وأكمل دراسته الجامعية في كلية الاقتصاد– جامعة القاهرة، ثم حاز على درجة الدكتوارة في تخصص الاقتصاد من ألمانيا. في حين التحق بصفوف حركة القوميين العرب أوائل الستينيات من القرن الماضي، وبالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها، وشغل عضوية الهيئة التنفيذية للاتحاد العام لطلبة فلسطين عام 1969.

 


 



وكان أبو النمل عضواً فاعلاً في مركز الأبحاث الفلسطيني، ومدير تحرير سابق لمجلة “الهدف” في بيروت، وعضو مشارك في العديد من المؤسسات البحثية، ومؤتمرات ذات اختصاص، وعضو اتحاد الكتّاب الفلسطينيين، وأصدر عدة كتب، من بينها:



  • بحوث في الاقتصاد الإسرائيلي.

  • قطاع غزة 1948-1967: تطورات اقتصادية وسياسية واجتماعية.

  • الضفة الغربية وقطاع غزة: تطورات اقتصادية وسكانية واجتماعية.

  • الصناعة الإسرائيلية.

  • الاقتصاد الإسرائيلي: من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة.


كما نشر العديد من الدراسات القصيرة والمقالات في العديد من الدوريات المتخصصة.


أما الباحث خالد عايد أبو هديب (1950–2020)، فيُعد أحد الباحثين المتخصّصين في الصراع العربي الصهيوني، فقد ألّف وترجم العديد من الكتب التي تؤرِّخ لمحطات مهمة في تاريخ القضية الفلسطينية.


 




 



وُلد الراحل في قرية جيوس، وحاز على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والماجستير في التاريخ، كما حصل على دكتوراه في الآداب من “الجامعة الأميركية” في بيروت، وعمل باحثاً في “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” منذ عام 1979، وأشرف خلال عمله في مؤسسة الدراسات الفلسطينية على إصدار العديد من الدراسات والكتيبات، كما قام بترجمة عدد من الكتب من اللغة العبرية إلى العربية، وساهم في إصدار “مجلة الدراسات الفلسطينية”، ونشر فيها العديد من الدراسات والمقالات.

 

وأصدر عايد كتاب “الحرب العربية والإسرائيلية، وقائع وتفاعلات بالمشاركة” (1974). وترجم مجموعة متنوّعة المؤلفات في السياسة والتاريخ والفكر منها “الحزب والطبقة” (1974) لليون تروتسكي، الذي يدرس فيه ثورة أكتوبر عام 1917، ومواقف البلاشفة وصولاً إلى سيطرتهم المطلقة على الحكم،. كما ترجم “الفلاحون الفلسطينيون من الاقتلاع إلى الثورة” (1980) لروز ماري صايغ، والذي يتضمّن مقابلات أجرتها المؤلفة بين 1975 و1987، مع عدد كبير الفلاحين الفلسطينيين الذين اقتلعتهم العصابات الصهيونية من أراضيهم عام 1948، وهُجّروا إلى لبنان، إضافة إلى ترجمته وتقديمه “وثائق المعارضة البولندية” حول خلفيات الأزمة (1981).

 

كما ترجم عايد كتاب “حنّة أرندت: السياسة والتاريخ والمواطنة“ لفيليب هانسن، والذي يقتفى فيه المؤلّف مساهمة الفيلسوفة الألمانية حنّة أرندت (1906–1975) في دراسة الحياة العامة، إلى جانب ترجمته كتاب “فانون: المخيّلة بعد – الكولونيالية” لنايجل غبسون، الذي يضيء من منظور نقدي، على المراحل المتميزة في سيرة فرانز فانون المهنية والنضالية والفكرية.

 

وأصدر عايد كتابه “قطار الموت، معركة بيروت في سياق الإرهاب والتوسع الصهيوني” عام 1984، وفيه يتناول خروج المناضلين الفلسطينيين والعرب من العاصمة اللبنانية، بعد اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي لها سنة 1982.

 

أما في كتابه “الاستعمار الاستيطاني للمناطق العربية المحتلة خلال عهد الليكود” (1986)، فاستند إلى المصادر الإسرائيلية العبرية، في عرض موثق وشامل لتطوّر الاستعمار الاستيطاني للأراضي العربية المحتلة طوال سبعة أعوام من عهد الليكود، وقدّم مقاربة لأوجه وأساليب الاستيلاء على الأراضي العربية لأغراض الاستيطان خلال تلك الفترة، وأبرز مشاريع الاستيطان، سواء تلك التي نفذت أو الجاري تنفيذها أو المخطط لتنفيذها مستقبلاً.

 

ومن إصداراته أيضاً، “الانتفاضة الثورية في فلسطين الأبعاد الداخلية” (1988)، كما شارك في تأليف كتاب “الشعب الفلسطيني في الداخل” .(1990)